كتب جون ألترمان وجون غارفر أن الاقتصاد الصيني المتنامي يعكس قدرة الصين على تصنيع كميات هائلة من السلع وتقديم تقنيات متطورة، مما يعزز نفوذها العالمي. تظل السعودية والإمارات حلفاء أمنيين للولايات المتحدة منذ عقود، إلا أن ارتفاع واردات الطاقة الصينية من المنطقة أثار تكهنات حول إمكانية لعب الصين دور أمني أكبر في الخليج. ومع أن هذا لم يحدث ولا يُتوقع حدوثه، فإن عمق العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول الخليج يزيد من حرص هذه الدول على التوازن بين واشنطن وبكين خارج نطاق الأمن التقليدي مثل شراء الأسلحة.
أشارت مؤسسة كارنيجي إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي شكلت نقطة خلاف جديدة في هذا السياق، مع تمركز الجدل حول وصول دول الخليج إلى رقائق متطورة تنتجها شركة نيفادا الأمريكية، والوصول إلى الخبرة الأمريكية في الذكاء الاصطناعي عمومًا. يعرض المسؤولون الأمريكيون والخليجيون هذه الاتفاقيات كفرصة لتقوية الروابط مع الولايات المتحدة بعد سنوات من تعميق العلاقات الاقتصادية مع الصين. ومع ذلك، لا يتوقع صانعو السياسات الأمريكيون أن تغير هذه الاتفاقيات رؤية قادة الخليج، الذين يواصلون التعاون الأمني الوثيق مع واشنطن بينما يسعون لتعزيز روابطهم الاقتصادية مع الصين على المدى الطويل.
نقطة التحول في العلاقة الاقتصادية والأمنية
تتركز مناقشات السياسات الأمريكية حول الدور الصيني في الشرق الأوسط عند "نقطة تحول" محتملة، حيث قد تدفع العلاقات الاقتصادية المتنامية مع الصين إلى مواجهة مصالح واشنطن. توضح البيانات أن اعتماد الصين المتزايد على النفط الخليجي، رغم انخفاض إمداداتها المباشرة للولايات المتحدة، يمثل أحد أبرز مظاهر هذه المنافسة. يرى بعض المسؤولين أن نمو الواردات الصينية قد يؤدي إلى دور أمني أكبر للصين في المستقبل، مثلما فعلت الولايات المتحدة تاريخيًا، وهو ما يفسر تغطية وسائل الإعلام الأمريكية لأي تقارير عن تعاون عسكري خليجي-صيني، مثل تصنيع أو اقتناء صواريخ باليستية.
مع ذلك، تشير الدراسات الحديثة إلى أن معظم الخبراء الصينيين يعارضون أي التزام عسكري مباشر في الشرق الأوسط، ويعرف قادة الخليج أن الصين لن تتحمل مسؤولية أمنية واسعة في المنطقة، وتستفيد هذه الدول من مجرد الإشارة إلى إمكانية التعاون مع بكين لتأمين مزايا من الولايات المتحدة.
السياق الاقتصادي وتأثير التكنولوجيا
زاد الاعتماد الخليجي على الواردات الصينية منذ 2008 بشكل واضح، خصوصًا في السيارات والسلع التقنية، بينما استقرت الواردات الأمريكية تقريبًا منذ 2012. تزود الصين دول الخليج بمجموعة واسعة من السلع بأسعار تنافسية وجودة مناسبة، من السيارات منخفضة التكلفة إلى شبكات الاتصالات والبنية التحتية للبيانات، بما يشمل تقنيات 5G والرقائق الإلكترونية، لتدعم خطط التنويع الاقتصادي محليًا.
تتصدر الإمارات مثالًا حيًا على التعاون في الذكاء الاصطناعي، إذ أسست شركات مدعومة من الدولة مثل Group 42، وركزت على تطوير قدراتها بالتعاون مع الولايات المتحدة، مثل الحصول على رقائق NVIDIA المتقدمة، مع المحافظة على علاقات اقتصادية وتجارية مع الصين. على الرغم من هذه الصفقات، لا تختار الإمارات "جانبًا واحدًا" في المنافسة بين بكين وواشنطن، كما يظهر تاريخ تعاملها مع لقاح سينوفارم الصيني وعضويتها في مجموعة بريكس التي تضم الصين.
المنافسة الأمريكية الصينية في الذكاء الاصطناعي ومستقبل العلاقات
يسعى صانعو السياسات الأمريكيون لحماية تقنيات الذكاء الاصطناعي من استغلال صيني، ويعتبرون دول الخليج ميدانًا لاستعراض النفوذ، لكن فرص واشنطن لتحقيق إعادة ترتيب اقتصادي شامل في المنطقة محدودة. ترى مؤسسة كارنيجي أن العلاقة الاقتصادية القوية والمتنامية بين الصين والخليج ستظل المحرك الرئيسي للسياسات الخليجية، بينما يقتصر الدور الأمريكي على حماية البيانات والتحكم في تصدير التكنولوجيا. في الوقت ذاته، يوفر التعاون مع الشركات الأمريكية فرصًا لرأس المال والتوسع في مراكز البيانات، لكنه لن يحول دون استمرار الشراكات الاقتصادية مع الصين أو يقلل من قيمتها في خطط التنويع الرقمي للخليج.
https://carnegieendowment.org/research/2025/10/imports-and-influence-chinas-growing-economic-presence-in-the-gulf?lang=en

